responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 286
لِيُثَبِّتَ وَإِنْ كَانَ مَجْرُورَ اللَّفْظِ بِاللَّامِ إِذْ لَا يَسُوغُ نَصْبُهُ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَصْدَرًا صَرِيحًا.
وَأَمَّا هُدىً وَبُشْرى فَلَمَّا كَانَا مَصْدَرَيْنِ كَانَا حَقِيقَيْنِ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ بِحَيْثُ لَوْ ظَهَرَ إِعْرَابُهُمَا لَكَانَا مَنْصُوبَيْنِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً [سُورَة النَّحْل: 8] .
[103]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 103]
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)
عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ [سُورَة النَّحْل: 101] . وَهَذَا إِبْطَالٌ
لِتَلْبِيسٍ آخَرَ مِمَّا يُلَبِّسُونَ بِهِ عَلَى عَامَّتِهِمْ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا يَتَلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ. قِيلَ: قَائِلُ ذَلِكَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ وَغَيْرُهُ، قَالَ عَنْهُ تَعَالَى: فَقالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [سُورَة المدثر: 24] ، أَيْ لَا يُلَقِّنُهُ مَلَكٌ بَلْ يُعَلِّمُهُ إِنْسَانٌ، وَقَدْ عَيَّنُوهُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ.
وَافْتِتَاحُ الْجُمْلَةِ بِالتَّأْكِيدِ بِلَامِ الْقَسَمِ وَ (قَدْ) يُشِيرُ إِلَى أَنَّ خَاصَّةَ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ لعامّتهم وَلَا يجهرون بِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ مَكْشُوفٌ، وَأَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ. فَقَدْ كَانَ فِي مَكَّةَ غُلَامٌ رُومِيٌّ كَانَ مَوْلًى لِعَامِرِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ اسْمُهُ جَبْرٌ كَانَ يَصْنَعُ السُّيُوفَ بِمَكَّةَ وَيَقْرَأُ مِنَ الْإِنْجِيلِ مَا يَقْرَأُ أَمْثَالُهُ مِنْ عَامَّةِ النَّصَارَى مِنْ دَعَوَاتِ الصَّلَوَاتِ، فَاتَّخَذَ زُعَمَاءُ الْمُشْرِكِينَ مِنْ ذَلِكَ تَمْوِيهًا عَلَى الْعَامَّةِ، فَإِنَّ مُعْظَمَ أَهْلِ مَكَّةَ كَانُوا أُمِّيِّينَ فَكَانُوا يَحْسَبُونَ مَنْ يَتْلُو كَلِمَاتٍ يَحْفَظُهَا وَلَوْ مُحَرَّفَةً، أَوْ يَكْتُبُ حُرُوفًا يَتَعَلَّمُهَا، يَحْسَبُونَهُ عَلَى عِلْمٍ، وَكَانَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا جَانَبَهُ قَوْمُهُ وَقَاطَعُوهُ يَجْلِسُ إِلَى هَذَا الْغُلَامِ، وَكَانَ هَذَا الْغُلَامُ قَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ. هَذَا يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا مَا يَقُولُهُ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 286
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست